حفاة على الجمر نسير، وعلى الجمر تحترق أمنياتنا، سنين الشوك غرسوها في صدورنا، فأنبتت جراحاً رويناها
بالذاكرة
بالذاكرة
يا أعوام النفي، يا كل الأعوام، يا طعم الصبر المملح بالعجز، يا شتات العشيرة، ويا ظمأ الأرض للكف السمراء، يا أعوام السجن، يا عتمة الزنزانة، يا صوت الجلاد ... ويا صمت الجدران، يا برد الجوع في الوطن المعتقل بين الأسلاك الشائكة
ويا وجع الصبايا المنتظرات آخر الجياد، هل حملت إليكم مرها الكلمات ؟! وتساوت على أرصفة الخوف كل الخطوات ؟! هل كحّلت الشمل بالليل عينيها فأرخت على عيوننا عتمتها ؟ أم بشوك ينين الخيبة اقتلعنا الحدقات، فسلبنا ما احتفظت به من ضياء! النور كان خيارنا، وشموعنا كلمات عن وطن جريح أكفّنا ضماده، فماذا فعلت بأكفنا الأيام ؟
يا رفاق الهم من سجني أطل على سجنكم، قيدوكم بالانتظار، واعتقلوكم بالسنين، صنعوا منها قضبانهم، وأوهموكم بالصمت الصبور! الزنزانة المحفورة على جلد العتمة سجن! عفن، اختناق، وجسد بلا دفء! وقلب تختفي ملامحه ولا تعود … الزنزانة سجن لكل جزء منك، هدفه أن يفتت فيك الرغبة بالصمود قبل أن ينتزع من جسدك المقاومة
والمنفى المصفد على أوراقنا وتصاريح السفر المتعاقبة سجن،! سجن يحتوي ذاكرتك والأحلام، وكلام أمك عن تاريخ جميل لا يعترف به سواك، سجن تمارس فيه كل شيء إلا اعترافك بذاتك
وسجن هذا الوطن المغلق على العري والجوع، وعلى الكرامة حين تصبح في عيون الرجال فتاتاً لا يمكن جمعه من تحت أقدام الجنود! سجن يريك الشمس لكنه لا يمنحك حرارتها، ويأذن لك بالتحرك ولكن داخل حدود العجز! شعبنا هدّه الشتات، وأعيته الفرقة، ما عاد الحنين يقلقه، صار جزءاً من خريطة نهاره المعتم .. فلسطين يا صخرة الانتظار تفرّق أبناؤك في السجون، أضعفت العتمة عيونهم، وداخل أسوارك يغفو النهار
فلسطين يا جرحى والذاكرة! فلسطين يا لوعة الموت حين تحفّه الزغاريد الباكية، يا صبر يا وجع يا حنين، فلسطين يا أقصى المصلين على حواف الموت بين ذكريات الذبح والصمود، ويا زيتون الشهداء الملوث بضمائر من باع دمهم والأكفان