( عالـمي الآخر )
قصة قصيرة
مكتبي الصغير هناك منزويا في أقصى الغرفة.. الأوراق متناثرة..والحبر جف من طول الغياب.. الغبار يعتري المكان..إحساسي بالغرفة و كأنها تشكي هجران صاحبها .. الكتب كانت للفئران وجبة دسمة.. تلعب على هذا وتنهش في هذا.. وهي حرة طليقة..!!
فتحت شباك الغرفة ...صافحتني السماء بالهواء الحار..نظرت إلى الأرض فإذا بها تهتز من تحتي.. رجعت للمكتب الصغير والذهول والدهشة كادت أن تقودني للهوس..نظرت لعلي أجد ورقة تدلني على صاحبها.. لم أجد شيئا سوى اليأس.. سألت الباب ..النافذة..الكرسي .. الوردة التي كانت تعطر المكان..والإجابة لا مجيب..!! خرجت مسرعا وجلست على الرصيف ذاك المكان الهادئ الذي يعصف بالذكريات عندما كنت أنا وصفوت إذا سالتوني عن هذا الاسم ستجدوه في عالمي كنا نجلس على الرصيف ونتجاذب أطراف الحديث..بالكاد كنا نجمع هموم العالم ونتداولها في سهرتنا الليلية .. بكينا على الرصيف .. ندبت حظي المتعثر لفترة غيابي عندما أردت إتمام آخر مرحلة من مراحل دراستي .. السؤال الوحيد الذي كان يسامرني ويشاطرني حزني ..هو ما حل بغيابي..؟
ذهبت أسأل هنا وهناك.. ولا أحد يعلم.. ولكنني وجدت ذلك الشيخ الكبير الذي أراه دائما يجلس أمام المسجد .. فسلمت علية وسألته عن صديقي (صفوت)..صد عني .. وقال لا أعلم.. !
حينها تأكدت إنه رحل ولكن إلى أين..؟
رجعت للذكريات الموحشة عندما كنا نلعب و نلهو ... رجعت انظر إلي الأماكن التي كنا نجلس به دائما .... الآن أراها موحشة .. يسكنها الظلام .. والغبار موطنها..!!
بقيت على حالي شهوراً ..أسال .. ولا من مجيب.. الأرض قاحلة.. والسماء شاحبة .. والمياه تلعب بها الأمواج.. كل هذا كنت أنا فقط من يراه..!!
رجعت لذلك الرصيف وجلست في مؤخرته عله يستأنس بي من وحشته .. وأستأنس به من وحشتي .. جلست أتأمل ..صورته .. أفكاره الخالدة..حديثة الهامس.. نظرته المتأملة.. نظرت إلية كله فإذا به يسكنني..
تذكرت كلماته.. وبكيت حتى سالت الأرض من حولي..
تذكرت ..نضاله .. قوته..جبروت حرفه.. فضحكت..!!
* * *
الآن وأنا أرى تلك الطفلة قادمة نحوي.. كأنها تحمل الأمل لي مجدداً .. حدقت النظر بها فإذا لا طريق لي مع اليأس .. اقتربت فإذا بها تحمل كوبا ساخنا من الشاي .. اقتربت أكثر فأكثر .. حتى وقفت أمامي .. أعطتني كوب الشاي الساخن وذهبت وهي تتمتم بكلمات جميلة وحانية ودعوات صادقة..أخذت أشرب الشاي فإذا بي أفيق من انسجامي ..
فعلمت إن تلك الطفلة هي "ابنته شهد" بل وأنها واقعا أنسجم مع ما كنت مشغولٌ به.. وحينها نهضت عندما كنت مستلقي على ظهري فإذا بي أقرأ في كتاب " رحلة في عالم آخر"...!!!
ونظرت للكتاب بين يدي فإذا بي قد وصلت " الفهرس" ولكن خيالي مازال مشتعلا ومولعا وشغوفاً بالقراءة الحرة ..
فهزيت رأسي بابتسامة وقلت : بالفعل القراءة في عالم آخر...؟!!!
رحمك الله يا نصفي الآخر ... رحمك الله يا صفوت ... سابقي ابحث في عالمك علي أجد عطرك و أنفاسك ... بيدي المرتعشة اكتب ذكراك .
المخلص / إياد جربوع
قصة كتبها \\\\\\ اياد جربوع
منقووولة