وقفت تلك الفتاة تنظر إلى أمواج البحر المتلاطمة ، ودمعة تسيل من عينيها الحالمتين، تنظر هناك حيث تغيب الشمس، وكأنها تنظر إلى غياب حلمها وحبها حيث تغيب .
تتذكر ذلك اليوم ، عندما مر ذلك الشاب على شاطىء البحر فرآها تساعد أباها الصياد في تنظيف شبكته، أمام كوخه المتواضع، ما رأها ذلك الشاب حتى ابتسم ابتسامة حانية ، وكأنه يبحث عن شيء وجده، تتذكر كيف انتبهت لبسمته ، فأحمر خدها حياءا ودخلت الكوخ مسرعة.
كانت على وشك أن تنهي دراسة الثانوية العامة وأبى ابوها إلا أن يعلمها في الجامعة رغم ظروفه المادية الصعبة، فقد استدان مبلغا من صديقه .
وحازت على معدل عالي وأختارت كلية الهندسة ، وكم خفق قلبها في عنف ، عندما دخل ذلك الشاب ذاته إلى الفصل الجامعي مقدما نفسه : المعيد المهندس صالح رفعت
وانتبه إليها فابتسم، ثم أخذ في الشرح فلما أنتهى اصطحب أخته التي تدرس في نفس القسم و ركبا سيارته الفارهة متجها إلى قصره المنيف.
وقرر أن يبوح لأخته بحقيقة مشاعره تجاه تلك الفتاة ، فقررت أخته أن تصادقها حتى تعرف مشاعرها وأخلاقها ، وكان لها ما أرادت بل إنها أخبرتها أن أخاها صالح يحبها .
وارتاح الشاب لما سمع من أخته التي تحمست للموضوع ، وقرر الشاب أخبار أبيه .
وفي ليلة باردة من ليالي الشتاء دخل على أبيه وهو يحتسي فنجانا من القهوة ، وصارحه بما يريد ، فانتفض الأب غاضبا رافضا أن يزوج ابنه ابن الحسب والنسب والجاه والمال من ابنة صياد فقير
ورفض الأبن أن ينصاع لقرار أبيه ، الذي كان صادرا عن نفس ترى في نفسها علوا عن الناس، وقرر أن يهجر القصر ويعيش في إحدى الفنادق لعله بذلك يرقق قلب أبيه الغاضب.
وأخذ يعتاش بما يكسبه من مرتبه في الجامعة رافضا أن يأخذ من أبيه ولو القليل.
ولكن ذلك كله ما زحزح الأب عن موقفه ، وكما كانت حبيبته حزينة عندما أخبرتها أخته بالأمر.
وبينما هي غارقة في أحزانها تتطلع إلى موج البحر الهائج إذ ربتت يد أختها على كتفها قائلة لها : صالح وأبوه جاءا لخطبتك
وكم كانت المفاجأة والسعادة
وغرقت في بحر من الدموع
هي دموع الفرح