بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا يحصر عطائه ولا تعد نعمائه و الشكر له على ما أولانا من فضله الجزيل و أسداه
والصلاة السلام على رسوله الذي اجتباه و حبيبه الذي اصطفاه سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم و لمن أتبع هداه
أما بعد
قال تعالى : {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }آل عمران152
الشوق هي مشاعر جمة سامية يشعر بها الصالحون و يشعر به أيضا العاصون أختلف كل منهم بدرجة الأشواق وما يشتاقون إليه , إنه الشوق الذي يجعل المسلم يجتاح الأحزان و يعلوا فوقها و يصل إلى الدرجات العلى من الجنة
ما أجملها من كلمة , تهز النفوس الخالية و تبعث الأمل و السكون , حين ينام المؤمن و يجاهد نفسه للنهوض بالأسحار ليكون مع رب الأرباب يناجيه و يقيم الليل شوقا له يشكو له همه و يستغفره ,حقا لقد تعددت أشواق كل إنسان و منهم فقد هذا الشوق و لم يعرف مذاقه ..
وما هي المشاعر الا لهذا الشوق..
إنها نعمة طاب عيش من جعلته أشواقه يرتقي و يصل لمحبة الرحمن و رضوانه , لو يعرف من فقدها كيف هي ؟
كم رأينا من أناس ضيعوا تلك الحياة التي فيها السباق الكبير الذي يتسابق كل إنسان للفوز للجنة , و ملئوا نفوسهم و قلوبهم إلى أشواق زائفة كسراب يتبعه الإنسان ولا يجده شيء ..
قال تعالى : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الحديد21
كل إنسان يتنافس على عمل يجعله يصل للمقام العالي و قد يكون مقام عاليا عند الله و الناس و قد يكون تنافس دنيوي لا يرضي الله و إنما ينتظر هذا الشخص العلو بين الناس مثل ممن سعى للجاه و المال و قد سعى عليه من كانوا في القرون السابقة و آتاهم غضب الله و سخطه قال تعالى : {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }القصص79 هذا هو قارون الذي كان سعيه و أشواقه للمال و القصور فخسر الدنيا و الآخرة وما أتعسها من أشواق ..قد تكررت كلمة الأشواق و قد تكثر و تزيد و ربي ما من أناس عرفوا مقامها و قيمتها إلا كانوا الأكثر توفيقاً وسعادة..
و إنها كنز عظيم فقد أشتروا السعادة الأبدية التي ليس دونها سعادة و خسر من ضيع هذه المشاعر و جعلته ليكون كالطيف العابر الذي يمر مسرعا ولا يترك أثر شيء يذكر اما من كان شوقه لله فهو الذي ادرك طريق السعادة في الدنيا و الاخرة ..
دمتم للرحمن