رسالة هاتفية قصيرة كانت كافية لتقلب حياة إيمان رأسًا على عقب حين طلقها زوجها بعد عشر سنوات استمرت بعد أن شك في أن مصدر الرسالة عشيق لها.
حاولت ايمان ان تقنع زوجها بأن الرسالة ليست سوى مزاح مع احدى صديقاتها بالعمل غير أن الشكوك لم تفارقه ورفض الاقتناع بصحة كلامها.
مثل هذه القضايا التي يتسبب فيها الاستخدام السيئ للهواتف المحمولة اصبحت لا تكاد تغيب عن صفحات الجرائد المحلية.
ولم يعرف المجتمع هذه القضايا بشكل لافت إلا حين انتشرت الهواتف المحمولة في اوساط كل الفئات العمرية والاجتماعية في تونس في الاعوام الاخيرة.
وتقول الشركتان المحتكرتان لرخص الهواتف الخلوية بتونس ان لديهما سبعة ملايين مشترك في البلد الذي يعيش به عشرة ملايين نسمة.
تروي علياء وهي امرأة متزوجة أن حياتها كادت أن تدمر بسبب رسالة نصية من صديق قديم كانت تعرفه وقت الدراسة بالكلية.
وقالت لرويترز 'لم يكن يعلم اني تزوجت وارسل لي رسالة يقول فيها انني المرأة التي تمناها وانه يريد ان يراني في اقرب وقت لأنه لم يعد يحتمل ان يؤجل هذا الموضوع'.
وتضيف انها عاشت ايامًا عصيبة لإقناع زوجها بأنه لا تربطها به صلة قبل ان يقتنع الزوج بعد ان التقى الرجل الاخر الذي اقسم له على انه لم يعلم انها متزوجة وانه ليست بينهما أي علاقة.
وتواصل حديثها قائلة 'كل رنة للهاتف اصبحت مصدر ازعاج لي ولزوجي ايضا لذلك كرهت الهاتف المحمول ونقمت على من اخترعه.'
ويعاقب القانون التونسي بالسجن الى فترة تصل للعام كل من يدان بارسال رسائل نصية فيها اخلال بالاداب او سب او نصوص جنسية استنادا الى الفصل 86 من قانون الاتصالات.
وزاد من انتشار الهواتف المحمولة انخفاض تعريفة المكالمات حيث يمتلك الاف التونسيين شريحتين او اكثر.
وكشفت دراسة اجريت في تونس ونشرتها صحف محلية في الآونة الاخيرة ان الشبان في تونس ينفقون على الهاتف أكثر مما ينفقون على التعليم واحيانا على الاكل أيضًا.
ويبلغ معدل انفاق الفرد الواحد على الهاتف 150 دينارًا شهريًا (120 دولارًا).
ويصف مهدي مبروك عالم الاجتماع التونسي ظاهرة الاقبال على الهاتف الخلوي بأنها ظاهرة جنونية ويفسرها قائلا 'ان مفهوم الاتصال اصبح ضروريًا ولا محيد عنه.'
ويضيف لرويترز 'اصبح الاشخاص غير قادرين على التخلص من سحر وجاذبية وفعالية هذه التكنولوجيا الحديثة التي وفرت لهم مساحات من التواصل بشكل غير مسبوق'.
ويعتبر ان مشاكل الهواتف النقالة سببها 'خلل بين ما هو ذاتي وما هو عمومي حيث يصبح الامر معقدا بمجرد ان فقدت المعلومة التي يحتويها النقال خصوصيتها وانتقلت الى اشخاص اخرين'.
معاناة العديد من التونسيين تنوعت جراء سوء استخدام الهواتف المحمولة حيث يحكي عماد وهو شاب عمره 30 عامًا انه اكتشف ان الفتاة التي تعرف اليها عبر الهاتف منذ اكثر من ثلاثة اشهر وتبادل معها عبارات حميمية ليست الا شقيقة اقرب اصدقائه.
ويشتكي كثيرون من أن انتشار الهواتف المحمولة المجهزة بكاميرات زاد الطين بلة، إذ إن من الجرائم التي نشرتها الصحف تعمد زبونتين بحمام تصوير نساء وهن عاريات ثم توزيع الصور على عدد واسع من الشبان والشابات في العاصمة تونس. وتم تقديم الاثنتين للمحاكمة