ما هو حق العودة؟
كم عانينا في الماضي، ولا نزال، ممن يطرحون قضية فلسطين، أو أية قضية عربية أخرى، بطريقة تضيّع ثوابتها
الأساسية! فليس كل من يطرح قضية عربية، ويثير حولها (أو حول نفسه ومن يمثلهم) ضجيجاً إعلامياً، يطرحها بطريقة
تخدم تلك القضية.
فتوجيه الأضواء نحو قضية ما قد يأتي في سياق يخدم الأطراف العاملة على تصفيتها، سواء بسبب حسابات انتهازية أو
سوء تقدير سياسي أو ارتباط مباشر مع مصالح الطرف الأمريكي-الصهيوني (كما في حالة الموقعين على اتفاقية جنيف
اللاغية لحق العودة)، وهو الأمر الذي يختلط أحياناً على من يرون الورم شحماً فيظنون أن طرح مسألة ما يعادل أخذ موقف صحيح فيها.
قضية حق العودة مثلاً،
ثمة عدة طرق لطرحها. فالبعض يقول: حق العودة حق فردي لكل فلسطيني لا يملك أي طرف غيره أن يتنازل عنه. هذه الصيغة لطرح المسألة هي صيغة حق العودة الفردي. وهناك من يقول: حق العودة حق جماعي ينبع من حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره على أرضه. وهذه الصيغة هي صيغة حق العودة الجماعي. وهناك من يقول أن حق العودة هو حق إنساني ينبع من حق كل إنسان مشرد أن تكون تحت رأسه وسادة، كما قال أحد الشعراء. والصيغة الأخيرة هي صيغة حق العودة الإنساني. وهناك أخيراً من يربط حق العودة بما يسمى قرارات الشرعية الدولية التي يسوق القرار 194 مثالاً عليها،
وهذا حق العودة القانوني.
والمشكلة
أن كل واحدة من الصيغ أعلاه يمكن تأويلها بسهولة بطريقة تلغي حق العودة وتربطها بعملية التسوية والتصفية، على الرغم من كونها تسوق لنا كعصاً سحريةٍ للنفاذ إلى الرأي العام العالمي. فحق العودة الفردي الذي لا يملك أن يتنازل عنه غير الشخص المعني يمكن استبداله بالتعويض. وحق العودة الجماعي المرتبط بحق تقرير المصير يمكن تفسيره، منذ أصبحت "الدولة" لا التحرير هدف النضال، بالعودة ضمن حدود "الدويلة الفلسطينية" فقط. وحق العودة الإنساني يسهل حله بالتوطين بالأردن والهجرة إلى كندا وغيرها، لأن القضية تصبح هنا أي وطن، وليس فلسطين بالضرورة. أما حق العودة المرتبط بالقرار 194، فيمكن نسخه ببساطة بقرار أخر يشطب حق العودة بجرة قلم كما شطبت فلسطين بقرار التقسيم، وهو ما يمكن أن يفرضه التوازن الدولي المائل ضدنا، وعندها نكون قد خسرنا خسراناً مبيناً من ربط حقوقنا بما يسمى "الشرعية الدولية".
بقي إذن نوعٌ واحدٌ من الحقوق لا يمكن أن يضيع فيه حق العودة أو غيره، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يربط بعجلة عملية التسوية، وهو الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين. وهو ما يعني أن فلسطين أرض عربية مهما طال الزمن، ولو لم يبق فلسطيني واحد حياًُ. وهنا يرتبط حق العودة بالتحرير الذي لا عودة دونه.
الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين بالمناسبة لا يلغي حق العودة الفردي والجماعي والإنساني والقانوني، بل يحصنها جميعاً من الاختراق لحق العودة كما يجري حالياً. وكل الأشكال الأخرى لطرح حق العودة، في ظله، تصبح وسائل تكتيكية يمكن استخدامها أو عدمه حسب الحاجة الإعلامية والسياسية الراهنة، ما دام الأساس في حق العودة هو عروبة فلسطين من النهر إلى البحر.
بالمقابل،
فإن أي شكل من أشكال التسوية مع الطرف الأمريكي-الصهيوني، تحت شعار الدويلة أو الدولة الثنائية القومية أو غيرها، لا بد له أن يتخلى سلفاً عن عروبة فلسطين، وهو ما يعني بالضرورة التنازل عن حق العودة كنتيجة منطقية لمجرد الاعتراف بكلمة
"إسرائيل".
كم عانينا في الماضي، ولا نزال، ممن يطرحون قضية فلسطين، أو أية قضية عربية أخرى، بطريقة تضيّع ثوابتها
الأساسية! فليس كل من يطرح قضية عربية، ويثير حولها (أو حول نفسه ومن يمثلهم) ضجيجاً إعلامياً، يطرحها بطريقة
تخدم تلك القضية.
فتوجيه الأضواء نحو قضية ما قد يأتي في سياق يخدم الأطراف العاملة على تصفيتها، سواء بسبب حسابات انتهازية أو
سوء تقدير سياسي أو ارتباط مباشر مع مصالح الطرف الأمريكي-الصهيوني (كما في حالة الموقعين على اتفاقية جنيف
اللاغية لحق العودة)، وهو الأمر الذي يختلط أحياناً على من يرون الورم شحماً فيظنون أن طرح مسألة ما يعادل أخذ موقف صحيح فيها.
قضية حق العودة مثلاً،
ثمة عدة طرق لطرحها. فالبعض يقول: حق العودة حق فردي لكل فلسطيني لا يملك أي طرف غيره أن يتنازل عنه. هذه الصيغة لطرح المسألة هي صيغة حق العودة الفردي. وهناك من يقول: حق العودة حق جماعي ينبع من حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره على أرضه. وهذه الصيغة هي صيغة حق العودة الجماعي. وهناك من يقول أن حق العودة هو حق إنساني ينبع من حق كل إنسان مشرد أن تكون تحت رأسه وسادة، كما قال أحد الشعراء. والصيغة الأخيرة هي صيغة حق العودة الإنساني. وهناك أخيراً من يربط حق العودة بما يسمى قرارات الشرعية الدولية التي يسوق القرار 194 مثالاً عليها،
وهذا حق العودة القانوني.
والمشكلة
أن كل واحدة من الصيغ أعلاه يمكن تأويلها بسهولة بطريقة تلغي حق العودة وتربطها بعملية التسوية والتصفية، على الرغم من كونها تسوق لنا كعصاً سحريةٍ للنفاذ إلى الرأي العام العالمي. فحق العودة الفردي الذي لا يملك أن يتنازل عنه غير الشخص المعني يمكن استبداله بالتعويض. وحق العودة الجماعي المرتبط بحق تقرير المصير يمكن تفسيره، منذ أصبحت "الدولة" لا التحرير هدف النضال، بالعودة ضمن حدود "الدويلة الفلسطينية" فقط. وحق العودة الإنساني يسهل حله بالتوطين بالأردن والهجرة إلى كندا وغيرها، لأن القضية تصبح هنا أي وطن، وليس فلسطين بالضرورة. أما حق العودة المرتبط بالقرار 194، فيمكن نسخه ببساطة بقرار أخر يشطب حق العودة بجرة قلم كما شطبت فلسطين بقرار التقسيم، وهو ما يمكن أن يفرضه التوازن الدولي المائل ضدنا، وعندها نكون قد خسرنا خسراناً مبيناً من ربط حقوقنا بما يسمى "الشرعية الدولية".
بقي إذن نوعٌ واحدٌ من الحقوق لا يمكن أن يضيع فيه حق العودة أو غيره، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يربط بعجلة عملية التسوية، وهو الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين. وهو ما يعني أن فلسطين أرض عربية مهما طال الزمن، ولو لم يبق فلسطيني واحد حياًُ. وهنا يرتبط حق العودة بالتحرير الذي لا عودة دونه.
الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين بالمناسبة لا يلغي حق العودة الفردي والجماعي والإنساني والقانوني، بل يحصنها جميعاً من الاختراق لحق العودة كما يجري حالياً. وكل الأشكال الأخرى لطرح حق العودة، في ظله، تصبح وسائل تكتيكية يمكن استخدامها أو عدمه حسب الحاجة الإعلامية والسياسية الراهنة، ما دام الأساس في حق العودة هو عروبة فلسطين من النهر إلى البحر.
بالمقابل،
فإن أي شكل من أشكال التسوية مع الطرف الأمريكي-الصهيوني، تحت شعار الدويلة أو الدولة الثنائية القومية أو غيرها، لا بد له أن يتخلى سلفاً عن عروبة فلسطين، وهو ما يعني بالضرورة التنازل عن حق العودة كنتيجة منطقية لمجرد الاعتراف بكلمة
"إسرائيل".