إنها المحبوبة |
|
فمسكين من غلبته أغنية واستهواه فيلم وقيدته قناة ، وأطلق السمع و البصر وأجهد الفكر لهثاً ليرضي شهوته ويُسخط ربه ، فبئس من كان هذا فهمه وشقي من كان هذا همه ، ما كأنه خُلق للعبادة فعاش ومات ولم يدرك سر الحياة والغاية من وجوده .
حتى إذا جاء ت اللحظة التي لا ينفع نفس إلا ما قدمت في حياتها اختلق الأعذار وتمنى على الله الأمنيات قال الله تعالى (( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )) .
وقال الله تعالى (( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ... ))
وقال تعالى (( قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّين . رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ 0 قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ . إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ . فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ . إِنِّي
جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُون ))
إنها الدنيا ... يا من تُمَتِعُ فيها جوارحك بالحرام ، عد العدة ليوم تشهد عليك هذه الجوارح بما كنت تعمل .
قال تعالى (( حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَقَالُوا
لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ... ))
قال جبريل عليه السلام لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( يا محمد , عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ).
إنها الدنيا ... خاض فيها من خاض وغنِم فيها من غنِم وكل مرتهن بما بقدم .
ولو أنا إذا متنا تُركنا ........... لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بُعثنا ............. ونُسأل بعدها عن كل شيء
ثبت في الحديث الصحيح عن عثمان رضي الله عنه أنه كان إذا وقف على القبر بكى , وكان إذا ذُكرت له الجنة والنار لم يبكِ كبكائه للقبر , فقالوا له :
تذكر الجنة والنار ولا تبكي ؟!
قال : أخبرني خليلي صلى الله عليه وسلم أن القبر أول منزل من منازل الآخرة.
والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ، وإنما ذلك بحسب ما قدمته في دنياك من العمل .
مر علي رضي الله عنه بالمقابر فقال بعد السلام والدعاء لهم :
يا أهل القبور , أما الأزواج فقد نُكحت , وأما الديار فقد سُكنت , وأما الأموال فقد ُقسّمت , هذا خبر من عندنا , فما خبر من عندكم ؟
مالي أراكم لا تجيبون ؟
ثم التفت إلى أصحابه رضي الله عنه فقال :
أما إنهم لو تكلموا لقالوا وجدنا أن خير الزاد التقوى .. فبكى رضي الله عنه وأبكى أصحابه.
ربنا ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا ، فتب علينا واغفر لنا وارحمنا برحمة من عندك وتقبلنا في التائبين.
(( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )) آل عمران .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
[/size]