الرحــيــل جزء من النسيان
بات الغروب وشيكا
أعدت العدة
ورفعت السارية
لامست نسيم الحنين
وأرسلت دمعة إلى اليم الحزين
تنهدت السارية وأخذت نفسا عميقا
وكأنه الرحيل السرمدي
تمتم القارب قليلا مع حبال الميناء
ثم فك العناق
وسار يمشي الهوينا
وكأنه يخاطب الحبال
تعالي قربي
أوثقيني
هنا أنتمي
لا تفلتيني
وسار القارب
مقشور اللحاء
ناكسا دفته
وكأنه في عزاء
وشق العباب
لا نية لمسير
خاطر مكسور..لا تجبير
ولاوجهة تقوده ولا تبرير
رحيل لا أكثر
أرتدت السماء معطفها الأسود
ذابت نجومها وتوقد كحلها
واستوحش القارب
فهو الوحيد في لج ذاك البحر
تتخبطه الهموم
والبعد عن الشاطيء
أهوال الفكر تعصف به
يمنة ويسرة
حرقة دامية من جراء
إلتماس الدمع والبحر على جراحه
أرسل نبضا لنجم غائب
لو كنت تدري ما الظلام
لأسفرت علي في هذا الغمام
البحر وأنا لا وؤام
مزن العين أختلطت فالزحام
وأجهضت الأمل والمرام
فما أدري أحياة أم موتُ زؤام
كل حلم فيني ضاع وافترق
وتسربل النور فيني ثوب الغسق
كأن الموت يطويني بلا رفق
حنين لكِ يقودني
رمال الشاطيء البعيد
فلا مينا يراعيني
والبحر فيني يميد
البرد المسجى في أحشائي
يبعث صرير النعش فيني
ينهر الفرح وبالدمع يعزيني
وكفاه حزنا بيديه يواريني
وكانت هذه عبرات
اختلجت القارب الصغير
زاد البعد
وأضمحل الفجر المنتظر
وأيقن صديقنا أنه لا معاش
فلا بر ولا ميناء
قفت عينيه
وأرسل ابتهالاته
ولا حراك
أتى الصباح الموعود
أطل بشابورته على أخشاب تعتلي الماء
كان ذاك صديقنا
فما عاد يبغي حياة