حوار الخرفان..!!
في ليلة العيد اجتمع داخل عنبر الأضاحي التابع للمجزر الموجود في منطقة المناسك بـ(مني) ثلاثة خراف من سلالات وبلاد مختلفة: خروف أسترالي، وخروف صومالي، وآخر عربي.
كان جو العنبر مليئًا بتشكيلة من المشاعر المتضاربة، التي انتابت الخراف في انتظار نهايتهم المحتومة صباح غد، بعد أن يفرغ الحُجَّاج من رمي جمرة العقبة الكبرى.
جلس الخروف الأسترالي بصوفه اللامع، ونظافته العالية، وجسمه المتناسق، في ركن العنبر، وقد بدا عليه الحزن الشديد والخوف مما سيحدث غدًا، وتذكَّر الأيام الخوالي عندما كان يرتع في المزارع الخضراء الشاسعة، ويشرب من عيون المياه العذبة، ويندب حظَّه أن تكون نهايتُه مع جزَّار أجنبي، وفي بلد غريب عنه، وفي عنبر بهذا المستوى.
بينما كان الخروف الصومالي أقلَّ حزنًا واضطرابًا، وكان يتمتم بكلمات غير مفهومة، بينما كان الخروف العربي في غاية السعادة والسرور، و"يتنطَّط" يمينًا ويسارًا، يقفز على "طُوالة" العلف، ومنها على أحواض الماء، محدثًا جلبةً وضجيجًا شديدَين، وهنا خرج الخروف الأسترالي عن شعوره، فصاح في وجهه: تصدق بإيه؟!.. إنت خروف ما عندكش ريحة الدم!! كلها كام ساعة وحتندبح وانت قاعد تتنطَّط.. مش تقعد تكتب وصيتك ولا تعمل حاجة مفيدة؟! نظر الخروف العربي نظرةً كلها استهتار، وقال: أنا ما عنديش دم..!! بكره حتتفرج عليَّا وأنا بندبح وحتلاقي عندي دم للركب.. ههههههههه.
دخل الخروف الصومالي في الحوار بتلقائية مدهشة، ووجَّه كلامه للخروف الأسترالي، وقال له: سيبك منه.. دي خرفان متربية على البلادة والتناحة والرحرحة حتى بص على ليّته.. فيه خروف في الدنيا دي كلها ليّته أكثر من ربع وزنه!! دي تعمل لها 12 ولاَّ 13 كيلو، كل ده من القعدة والتختخة!!.
أحس الخروف العربي بالإهانة، وأنه أصبح فرجةً، فنظر للخروف الصومالي، وقال له: مش ناقص إلا إنت يا مسلوع تتكلم.. إنتم عندكم لما تاكلوا ذرة بتعملوا فرح.. إنتم خرفان جعانة وجربانة.. إنت نسيت إنك عربي إنت كمان، ولا عشت الدور إنك إفريقي.
تغيَّر وجه الخروف الصومالي وتحرك بسرعة تجاه الخروف العربي محاولاً نطحه؛ فوقف الأسترالي بينهما، صاح الخروف الصومالي قائلاً: مسلوع آه.. بس حُر.. أنا خروف حر.. أظن إنت ما تعرفش أصلاً معنى كلمة "حر"!!.. عمرنا ما نرضى بالذل أبدًا.. شوف أكبر دولة في العالم؛ أمريكا اللي إنتم لما بتسمعوا اسمها بس.. بيحصل ليكوا إيه ومستضيفينها في بلادكم.. إحنا سحلْنَا جنودها في شوارعنا، وخرجت من بلادنا في أيام..
حاول الخروف العربي الردّ، ففوجي بالخروف الأسترالي يقول له: شايف الباب الإستانلس بتاع العنبر هناك.. روح بص فيه وشوف منظرك، حالتك ما يعلم بيها إلا ربنا، عيب تتنقور على خروف صومالي غلبان، لو عنده نصف اللي عندكم كان زمانه ملك عندكم..!! بلادكم كلها خير وبترول وأنهار وآثار ومعادن.. وحالكم عجب..!! روح بص شوف قرونك الكبيرة على الفاضي تنطح بيها زمايلك وجيرانك بس.. بس لما ييجي ذئب ناحيتك تفتح له الباب وتطفي له النور علشان يأكلك في جوّ رومانسي وشاعري، ولا المأمأة.. ما نسمعش لك صوت ولا نسمع لك مأمأة إلا لما تكون عايز تأكل أو تشرب.. ده يا خروف.. حتى صوفك.. مش عارف تحلقه.. إحنا في أستراليا بيحلقوا لي خمس أو ست مرات علشان يستفيدوا به ويأكلوني بثمنه.. بآكل بثمن صوفي.. مش مقضيها نوم.. ولا مستنيين خبرات أجنبية تحلق لكم الصوف بتاعكم وتديلكم نسبة 5% من ثمنه.. زي البترول والثروات إللي في بلادكم وبيستخروجها ويتمتع بيها غيركم.
غمز الخروف الصومالي للأسترالي وقال له بصوت منخفض: كفاية كده عليه، إنت نفَّضته على الآخر، حرام عليك.. رد الأسترالي وقال: حرام إيه، دي خرفان باردة، وأنا عارفها، ولا يؤثر فيها الكلام، عايزة تتريق على خلق الله وتأكل وتشرب وتعمل شقاوة وخلاص.. تتربط في عمود نور في الشارع ماشي.. تتحط فوق بعضها في شادر متر في متر، ما تقولش لأ..!!.
التفت الخروف العربي لهم وقال: بتتكلموا ليه في السر، يا عنبر ما فيهوش خروف راجل.. اللي شايف نفسه ييجي لي هنا.. ضحك الخروف الأسترالي ونظر للصومالي وقال له: شفت مش لسه قايل لك خرفان فنجرية بق.. سمع الحوار الخروف العربي وقال بصوت عالٍ أشبه بالصراخ: بق إيه يا خرفان ناقصة وبصوفه دايبة!! شووووبش.. يا إبر مصدية.. في أكوام مرمية.. يا خرفان صدمانة.. يا خرفان عدمانة.. يا نداغة اللبان..!!.
إنتم فاكرين نفسكم إيه.. ده أنا البلدي والبلدي يوكل.. إنتم لحمكم لا طعم ولا ريحة.. ولا حتى لون.. نظر الخروف الأسترالي إليه باستغراب وقال هو ده الردّ..؟! ده كبر لية يا مدهنن..!! خليك موضوعي في ردَّك.. يوكل.. ما هو بياكل عمال على بطال.. على المشاع.. بيأكل بدون ثمن.. إحنا بنوكل برضه بس بمزاجنا وبثمن.. مش نوكل مجانًاً وضرب على القرون!!.. وبعدين إنت كنت توكل زمان أيام الخير والعز.. أيام البرسيم بتاع الرز.. مش البرسيم المسرطن بتاع اليومين دول..!! وبعدين بص يا خروف يا عربي، إحنا لما بندبح بياكلنا الغني والفقير من حر ماله.. إنت مين بيشتريك؟! انت الفقراء بياكلوك صدقات بس.. يعني توكل بطريقة طبقية ليس فيها عدل..!! وبعدين احنا في أستراليا أخذنا قرار إن ما فيش خروف واحد من عندنا يروح بلادكم من الهوان إللي شافوه عندكم!.
فجأة فُتِحَ باب العنبر، وظهر جزار ضخم الجثة، ذو شعر أصفر وعيون زرقاء!! ومعه مساعده.. وقال له: واد يا كرشة.. نبدأ بمين..؟ قالوا اللي تشوفه يا معلمي.. تجول المعلم في جنبات العنبر.. فوجد الخروف العربي يمشي متبخترًا بليته الغنية ولا يبالي بما يحدث حوله ولا بنظرات الجزار له.. صاح الجزار وقال: كرشة.. هات لي الخروف العربي ده شوربته حلوه.. وليته أحلى..!!.
بسم الله.. الله أكبر.. كده بقت الذبيحة شرعي.. علشان نعرف نبيعها..!!.
في ليلة العيد اجتمع داخل عنبر الأضاحي التابع للمجزر الموجود في منطقة المناسك بـ(مني) ثلاثة خراف من سلالات وبلاد مختلفة: خروف أسترالي، وخروف صومالي، وآخر عربي.
كان جو العنبر مليئًا بتشكيلة من المشاعر المتضاربة، التي انتابت الخراف في انتظار نهايتهم المحتومة صباح غد، بعد أن يفرغ الحُجَّاج من رمي جمرة العقبة الكبرى.
جلس الخروف الأسترالي بصوفه اللامع، ونظافته العالية، وجسمه المتناسق، في ركن العنبر، وقد بدا عليه الحزن الشديد والخوف مما سيحدث غدًا، وتذكَّر الأيام الخوالي عندما كان يرتع في المزارع الخضراء الشاسعة، ويشرب من عيون المياه العذبة، ويندب حظَّه أن تكون نهايتُه مع جزَّار أجنبي، وفي بلد غريب عنه، وفي عنبر بهذا المستوى.
بينما كان الخروف الصومالي أقلَّ حزنًا واضطرابًا، وكان يتمتم بكلمات غير مفهومة، بينما كان الخروف العربي في غاية السعادة والسرور، و"يتنطَّط" يمينًا ويسارًا، يقفز على "طُوالة" العلف، ومنها على أحواض الماء، محدثًا جلبةً وضجيجًا شديدَين، وهنا خرج الخروف الأسترالي عن شعوره، فصاح في وجهه: تصدق بإيه؟!.. إنت خروف ما عندكش ريحة الدم!! كلها كام ساعة وحتندبح وانت قاعد تتنطَّط.. مش تقعد تكتب وصيتك ولا تعمل حاجة مفيدة؟! نظر الخروف العربي نظرةً كلها استهتار، وقال: أنا ما عنديش دم..!! بكره حتتفرج عليَّا وأنا بندبح وحتلاقي عندي دم للركب.. ههههههههه.
دخل الخروف الصومالي في الحوار بتلقائية مدهشة، ووجَّه كلامه للخروف الأسترالي، وقال له: سيبك منه.. دي خرفان متربية على البلادة والتناحة والرحرحة حتى بص على ليّته.. فيه خروف في الدنيا دي كلها ليّته أكثر من ربع وزنه!! دي تعمل لها 12 ولاَّ 13 كيلو، كل ده من القعدة والتختخة!!.
أحس الخروف العربي بالإهانة، وأنه أصبح فرجةً، فنظر للخروف الصومالي، وقال له: مش ناقص إلا إنت يا مسلوع تتكلم.. إنتم عندكم لما تاكلوا ذرة بتعملوا فرح.. إنتم خرفان جعانة وجربانة.. إنت نسيت إنك عربي إنت كمان، ولا عشت الدور إنك إفريقي.
تغيَّر وجه الخروف الصومالي وتحرك بسرعة تجاه الخروف العربي محاولاً نطحه؛ فوقف الأسترالي بينهما، صاح الخروف الصومالي قائلاً: مسلوع آه.. بس حُر.. أنا خروف حر.. أظن إنت ما تعرفش أصلاً معنى كلمة "حر"!!.. عمرنا ما نرضى بالذل أبدًا.. شوف أكبر دولة في العالم؛ أمريكا اللي إنتم لما بتسمعوا اسمها بس.. بيحصل ليكوا إيه ومستضيفينها في بلادكم.. إحنا سحلْنَا جنودها في شوارعنا، وخرجت من بلادنا في أيام..
حاول الخروف العربي الردّ، ففوجي بالخروف الأسترالي يقول له: شايف الباب الإستانلس بتاع العنبر هناك.. روح بص فيه وشوف منظرك، حالتك ما يعلم بيها إلا ربنا، عيب تتنقور على خروف صومالي غلبان، لو عنده نصف اللي عندكم كان زمانه ملك عندكم..!! بلادكم كلها خير وبترول وأنهار وآثار ومعادن.. وحالكم عجب..!! روح بص شوف قرونك الكبيرة على الفاضي تنطح بيها زمايلك وجيرانك بس.. بس لما ييجي ذئب ناحيتك تفتح له الباب وتطفي له النور علشان يأكلك في جوّ رومانسي وشاعري، ولا المأمأة.. ما نسمعش لك صوت ولا نسمع لك مأمأة إلا لما تكون عايز تأكل أو تشرب.. ده يا خروف.. حتى صوفك.. مش عارف تحلقه.. إحنا في أستراليا بيحلقوا لي خمس أو ست مرات علشان يستفيدوا به ويأكلوني بثمنه.. بآكل بثمن صوفي.. مش مقضيها نوم.. ولا مستنيين خبرات أجنبية تحلق لكم الصوف بتاعكم وتديلكم نسبة 5% من ثمنه.. زي البترول والثروات إللي في بلادكم وبيستخروجها ويتمتع بيها غيركم.
غمز الخروف الصومالي للأسترالي وقال له بصوت منخفض: كفاية كده عليه، إنت نفَّضته على الآخر، حرام عليك.. رد الأسترالي وقال: حرام إيه، دي خرفان باردة، وأنا عارفها، ولا يؤثر فيها الكلام، عايزة تتريق على خلق الله وتأكل وتشرب وتعمل شقاوة وخلاص.. تتربط في عمود نور في الشارع ماشي.. تتحط فوق بعضها في شادر متر في متر، ما تقولش لأ..!!.
التفت الخروف العربي لهم وقال: بتتكلموا ليه في السر، يا عنبر ما فيهوش خروف راجل.. اللي شايف نفسه ييجي لي هنا.. ضحك الخروف الأسترالي ونظر للصومالي وقال له: شفت مش لسه قايل لك خرفان فنجرية بق.. سمع الحوار الخروف العربي وقال بصوت عالٍ أشبه بالصراخ: بق إيه يا خرفان ناقصة وبصوفه دايبة!! شووووبش.. يا إبر مصدية.. في أكوام مرمية.. يا خرفان صدمانة.. يا خرفان عدمانة.. يا نداغة اللبان..!!.
إنتم فاكرين نفسكم إيه.. ده أنا البلدي والبلدي يوكل.. إنتم لحمكم لا طعم ولا ريحة.. ولا حتى لون.. نظر الخروف الأسترالي إليه باستغراب وقال هو ده الردّ..؟! ده كبر لية يا مدهنن..!! خليك موضوعي في ردَّك.. يوكل.. ما هو بياكل عمال على بطال.. على المشاع.. بيأكل بدون ثمن.. إحنا بنوكل برضه بس بمزاجنا وبثمن.. مش نوكل مجانًاً وضرب على القرون!!.. وبعدين إنت كنت توكل زمان أيام الخير والعز.. أيام البرسيم بتاع الرز.. مش البرسيم المسرطن بتاع اليومين دول..!! وبعدين بص يا خروف يا عربي، إحنا لما بندبح بياكلنا الغني والفقير من حر ماله.. إنت مين بيشتريك؟! انت الفقراء بياكلوك صدقات بس.. يعني توكل بطريقة طبقية ليس فيها عدل..!! وبعدين احنا في أستراليا أخذنا قرار إن ما فيش خروف واحد من عندنا يروح بلادكم من الهوان إللي شافوه عندكم!.
فجأة فُتِحَ باب العنبر، وظهر جزار ضخم الجثة، ذو شعر أصفر وعيون زرقاء!! ومعه مساعده.. وقال له: واد يا كرشة.. نبدأ بمين..؟ قالوا اللي تشوفه يا معلمي.. تجول المعلم في جنبات العنبر.. فوجد الخروف العربي يمشي متبخترًا بليته الغنية ولا يبالي بما يحدث حوله ولا بنظرات الجزار له.. صاح الجزار وقال: كرشة.. هات لي الخروف العربي ده شوربته حلوه.. وليته أحلى..!!.
بسم الله.. الله أكبر.. كده بقت الذبيحة شرعي.. علشان نعرف نبيعها..!!.