تراها صغيرة صامتة جامدة منسية، لا تكذب ولا تنافق ...لكنها ما تلبث أن تغير لونها لتضعك أمام حقيقة لا جدال فيها .. تلك ورقة عبّاد الشمس، إن كنت في عالم الكيمياء فهي رفيقتك تميز لك الحامض من القاعدي، وفي عالم السياسة إن هبت عليك رياح التصريحات واعتلتك أمواج التضليل وغمرك الإعلام بالتحليلات والمناظرات، إن أسرتك بعض القيادات هنيهة ثم حيرتك، إن ابتهجت لهم حينا وغضبت منهم دهرا، إن كنت في حيرة من أمرك أتصفق لهم أم تبكي، أتصدقهم أم هي عادتهم، هل تغيروا أم لا أمل فيهم، هل ما يقولون دعاية انتخابية وعنتريات إعلامية أم حقيقة تلفنا حولهم، إن كنت كذلك فأنت لا ريب محتاج لورقة عبّاد شمس سياسية تنبئك بالخبر وتكشف لك ما استتر.
ألم يعدوك برميهم في البحر؟، ألم يتشدقوا بعروبة القدس وقوميتها؟، ألم يزورها ويُصَّلوا فيها ألم يُغنوا لها؟، ألم يعقدوا الاتفاقيات لأجلها و المؤتمرات؟ بل أنشئوا صندوقا لدعم صمودها، لماذا لا تصدقهم ؟ أم أنهم لم يجتازوا فحص عباد الشمس؟.
منهم من صرح يوما بضرورة إزالة "إسرائيل" عن الوجود ووقف حاملا راية الحق أمام الشيطان الأكبر ولكنه في لقاء تلفزيوني أكدّ أنه لن يمنع الفلسطينيين من الاعتراف بالدولة العبرية في إطار حل إقليمي على أساس "دولتين"، وأضاف نجاد "مهما كان القرار الذي يتخذونه، لا مشكلة بالنسبة إلينا، لن نحول دونه، مهما كان القرار الذي سيتخذونه فإننا سندعمه". ، ...أترى لم يستطع أن يخفي الحقيقة أمام ورقة عباد الشمس ..القدس وفلسطين، وخرج آخر من منتدى دافوس مغاضبا، وأسرك بفعلته تلك ورأيت فيه القائد القوي والراعي المزعوم لبلاد المسلمين لكن أردوغان رد على الأصوات الشعبية المطالبة بتجميد العلاقات مع الكيان المحتل بالقول"من السهل للأعزب أن يطلق زوجة " في إشارة منه إلى عدم إمكانية ذلك! فما قيمة وما وزن هذه التصريحات والأفعال التي شَغَل مسئولو حكومة حزب العدالة والتنمية المسلمين بها على المستويين المحلي والعالمي ما لم تؤدِّ إلى قطع العلاقات كاملة مع إسرائيل كخطوة أولى ومع كل الدول التي تقف خلفها, أليست القدس وفلسطين محكا لكل زعيم.
ماذا لو وقف سيد البيت الأبيض ووهبك "دولة " بين السطور، و دخلت المدينة المقدسة بتصريح كتب بالعبرية، أو بتأشيرة من سفاراتهم في عواصم الدول العربية والإسلامية، ماذا لو صليت تحت حراب المحتلين وطفت كسائح بساحل فلسطين, وأغروك بالقدس الشرقية دون بقية الأرض التي بارك الله حولها ...هل سيشفى صدرك أم تريد أكثر، أم أن القدس تعني لك شيئا أكبر, أكبر من الأرض والتراب و وعد اوباما من بلد الأزهر.
فقد تعيش في مقابر قاهرة المعز كآلاف المصرين أو تحت ظلال الأشجار في الصومال أو قد يكون عنوانك دورات المياه مع إخوانك المغاربة, قد تؤويك الخيام في باكستان أو معسكرات اللجوء في أوروبا أو تتقاذفك أمواج الأطلسي في رحلة البحث عن مستقبل, قد يطالك القصف في وزيرستان أو شظايا المتفجرات في العراق قد تحاصر في غزة أو الفلوجة، قد تحمل شهادة جامعية عالية وتبيع الشاورما في باريس أو السجائر في تونس قد يعتقلوك في غوانتاناموا أو يودعوك سجن أبو غريب أو يغيبوك في المزة أو تزمامارت, لكنك لن تنسى القدس فهل يستطيعون محي وعي سكب في تلافيف عقلك أو يستطيعون من جسمك نزع عقيدتك التي جمعتك بكل أولئك أم أن "عقيدة المؤمن هي وطنه، وهي قومه، وهي أهله . . ومن ثم يتجمع البشر عليها وحدها، لا على أمثال ما تتجمع عليه البهائم من كلأ ومرعى وقطيع وسياج ! ".
أما إن لم تكن من أولائك المعذبين وسكنت القصور والمنتجعات وكنت رئيسا أو ملكا أو قائد جيش فاعلم أن مليارا ونصف يملكون ورقة عباد شمس ويفرقون بين الأعمال والأقوال، بين الشعارات وصناعة الأحداث، هؤلاء يملكون القدس و لن يسكتوا حتى يعيدوها سيرتها الأولى ...درة تاج الدولة الإسلامية، فلن تخدعهم بمعسول كلامك وحرصك الزائف، ما لم يروا فاروقا أو صلاحا يعتلي منبر المسجد الأقصى محررا فإنهم لن يصدقوك... فانظر أمرك إن كنت من أهل العزم فتقدم وإلا فتنح عن الطريق لكيلا تدوسك الجموع فقد سقطت ورقة التوت ولم تعد تستر خنوعك واستسلامك، ألا ترى أنهم يُقتلون ..يتألمون ..يحاصرون ولكنهم يتذكرون... فلا تقف في طريقهم، ألا ترى الغضب في عيونهم ؟..ألا ترى تحرقهم ليوم نصر وتحرير؟ فلا تقف في طريقهم، فالقدس وفلسطين جزء من عقيدتهم والعقيدة لا تباع ولا تشترى، أترى...
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى..؟
..هي أشياء لا تشترى
ستبقى القدس عاصمة فاسطين حتى يوم القيامة